أصوات تحاور الكاتبة حورية خدير وتكشف آخر إصداراتها: ” اختيار سيفار لم يكن محض صدفة بل كان خيارا استراتيجيا وعاطفيا في آن واحد”
“تفاعل القراء مع الرواية كان مدهشا ومشجعا جدا في معرض الجزائر الدولي للكتاب”
“أعمل حاليا على الجزء الثاني من “بوابة سيفار” وأستعد لإصدار مجموعات قصصية جديدة للأطفال”
“معرض الكتاب كان فرصة رائعة للتواصل المباشر مع القراء و حبهم أكبر نعمة حظيت بها”
“أطمح أن أساهم في إثراء المحتوى التعليمي للطفل العربي بدمج الأدب بالعلوم والتكنولوجيا”
في زمنٍ تتزاحم فيه الأصوات وتتشابه الحكايات، تخرج الكاتبة والسيناريست حورية خدير كصوت مختلف يحمل جرأة الخيال، وعمق العلم، وأناقة السرد، كاتبة تجمع بين خلفية علمية راسخة في الفيزياء، وتجربة إعلامية ثرية، وقدرة فريدة على تحويل أعقد النظريات العلمية إلى عوالم قصصية آسرة تشدّ القارئ منذ السطر الأول، قدّمت أعمالاً درامية تركت بصمتها في ذاكرة المشاهد الجزائري، ثم عادت بقوة إلى عالم الأدب من خلال روايتها الملحمية “بوابة سيفار: ما وراء الجدار الجليدي”، العمل الذي أعاد إحياء الأسطورة بمنطق العلم، وفتح باباً جديداً للخيال العلمي الجزائري والعربي.
ولا تقف إسهاماتها عند الأدب العام، بل تمتد بشغف إلى أدب الطفل، حيث تعمل على بناء جيل يرى العلم والمستقبل بعين محبّة ومبسّطة، و في حوار أجرته معها جريدة “أصوات”، تكشف لنا أسرار عالمها الإبداعي، وأسباب اختيارها لسيفار كمساحة أسطورية لخيالها، ورؤيتها لدور الأدب في إحياء الهوية الجزائرية وفتح آفاق جديدة أمام القارئ العربي، و تتحدث عن مشاركتها في معرض الجزائر الدولي للكتاب الذي اعتبرته فرصة رائعة للتواصل المباشر مع القراء و حبهم أكبر نعمة حظيت بها.
حاورتها: رحمة حيقون
بداية من هي الكاتبة حورية خدير ؟
حورية خدير هي كاتبة سيناريو وروائية، متحصلة على ليسانس فيزياء و ليسانس ثاني إعلام و الاتصال.
ماهي أبرز أعمالك؟
مسلسل “عندما تجرحنا الأيام، سحر المرجان
دوامة الحياة، شمس الحقيقه، دار شهرزاد
في مجال الرواية: أصدرت أولى رواياتي مؤخرا، وهي: بوابة سيفار: ما وراء الجدار الجليدي (صدرت عن دار كنوز للنشر و التوزيع عام 2025 وشاركت في معارض دولية)، اما في مجال أدب الأطفال قدمت مؤخرا سلسلة من ثلاثين قصة
عشرة عن التنمية المستدامة، عشرة عن الفيزياء
و عشرة عن الذكاء الاصطناعي تهدف لخدمة الطفولة العربية.
ما الذي ألهمك لكتابة رواية “بوابة سيفار”؟
الإلهام الأساسي نبع من مزيج فريد بين هوس الطفولة بالخيال العلمي وخلفيتي العلمية في الفيزياء لطالما آمنت بأن أفضل القصص هي تلك التي تجرؤ على دمج المجهول مع ما نعرفه عن الكون، كانت الفكرة تدور حول استكشاف سؤال قديم: ماذا لو كانت الأساطير والخرافات مجرد محاولات بدائية لشرح ظواهر علمية معقدة؟
لقد ألهمتني كثيرا نظرية “انشتاين روزنبرغ” و”” التي تفتح أبوابا لا نهائية للتفكير. أردت أن أقدم للقارئ العربي رواية تأخذه في رحلة خيالية عميقة، لكنها ترتكز على أسس منطقية وعلمية، ليكون الخيال محفزا للتفكير.
لماذا اخترتِ منطقة “سيفار” في جبال الطاسيلي لتكون محور روايتك؟
لم يكن اختيار سيفار محض صدفة، بل كان خيارا استراتيجيا وعاطفيا في آن واحد.
العمق الأسطوري والتاريخي: سيفار، “المدينة الغامضة ” في الطاسيلي، هي كنز حضاري هي ليست مجرد موقع أثري، بل هي لوحة جدارية ضخمة تحكي تاريخ آلاف السنين، وتثير تساؤلات حول حضارات اختفت. هذا الغموض جعلها “البوابة” المثالية لعالمي الروائي، مكان لا يزال العلم يصارع لتفسير جميع ألغازه.
أردت أن أثبت أن القصص الخيالية الكبرى يمكن أن تنبع من قلب الصحراء الجزائرية، إن دمج هذه الأيقونة الجغرافية والثقافية مع مفاهيم عالمية مثل الأبعاد المتوازية والجدار الجليدي يعيد تسليط الضوء على كنوزنا الوطنية،سيفار هنا هي المركز الكوني الذي تتشابك عنده الأبعاد.
إلى أي مدى اعتمدت على الحقائق التاريخية والعلمية في بناء العالم الروائي؟
كان الاعتماد على الحقائق والمراجع هو العمود الفقري للرواية، وهذا يعود بالأساس إلى خلفيتي العلمية، أنا أؤمن بمبدأ: لكي يكون الخيال مقنعا، يجب أن يكون الأساس صلبا.
من الجانب التاريخي والأثري اعتمدت على دراسات موثقة حول رسومات الطاسيلي.
الرواية تمزج بين العلم والخيال والتاريخ، كيف تعاملت مع هذا التحدي؟
كان دمج هذه العناصر تحديا ممتعا نجحت في تجاوزه بفضل خلفيتي المزدوجة في الفيزياء والإعلام، استخدمت الفيزياء كإطار منطقي لـ “قواعد اللعبة” في العالم الروائي، فكل خيال له جذر في فرضية علمية، أما التاريخ، فوفر لي العمق والمصداقية، حيث أصبحت الحقائق الموثقة لسيفار هي نقطة الانطلاق، وهكذا، كان الخيال هو الجسر الذي يربط بين العلم الصارم والتاريخ العريق، ليقدم للقارئ قصة مشوقة تحفزه على التفكير في حدود الممكن، و لا ممكن.
هل تعتبرين الرواية محاولة للترويج السياحي لمنطقة سيفار؟
الهدف الأساسي من الرواية كان تقديم عمل خيال علمي ملحمي بهوية جزائرية، يؤكد أن كنوزنا التاريخية مثل سيفار هي مادة خصبة تصلح لأعظم القصص العالمية، لذلك، هي في جوهرها ترويج ثقافي وذهني قبل أن تكون ترويجا سياحيا مباشرا، لكن الوصف العميق لجمال وغرابة سيفار ينتج عنه حتما ترويج غير مباشر،فإذا ألهمت الرواية قارئا واحدا للبحث عن الطاسيلي وعظمتها، فهذا نجاح إضافي لرسالتها في إحياء التراث بطريقة مبتكرة.
كيف كان تفاعل القرّاء مع الرواية في أيام المعرض الأولى؟
كان التفاعل مدهشا ومشجعا جدا، لاحظت شغفا خاصا بالخيال العلمي وتقديرا لاختيار سيفار كمحور للقصة، مما يؤكد حاجة الجمهور لهذا النوع من الأعمال بهوية محلية.
ما انطباعك العام عن مشاركتك في المعرض الدولي للكتاب؟
انطباعي إيجابي، المعرض كان فرصة رائعة للتواصل المباشر مع القراء ، و حبهم أكبر نعمة حظيت بها.
كيف كان استقبال الجمهور الجزائري والعربي لروايتك؟
كان الاستقبال دافئا ومتحمسا. لمست فخرا من الجمهور الجزائري باختيار سيفار، وإعجابا من الجمهور العربي بدمج العلم والتاريخ في قالب قصصي متماسك و مشوق.
كونكِ سيناريست قبل أن تكوني روائية، كيف ساعدتك كتابة السيناريو في بناء الرواية؟
ساعدتني كتابة السيناريو بشكل كبير في بناء المشاهد والتسلسل البصري، هيأتني لـ “رؤية” القصة قبل كتابتها، مما منح الرواية إيقاعا سريعا وبنية قوية ومحكمة، وجعل وصف الأماكن والشخصيات مفصلا ومؤثرا.
هل تفكرين في تحويل “بوابة سيفار” إلى عمل درامي أو سينمائي مستقبلا؟
بالتأكيد، أتمنى ذلك، أرى أن الرواية تحمل كل المقومات البصرية والدرامية لفيلم خيال علمي ملحمي، وأطمح أن تنتقل سيفار إلى الشاشة الكبيرة لإبهار الجمهور.
هل هناك جزء ثانٍ لرواية “بوابة سيفار”؟
نعم، هناك جزء ثانٍ في طور التحضير، فالنهاية كانت مفتوحة عمدا، وهناك أسرار جديدة في عالم سيفار تنتظر الكشف عنها.
قدمتِ أعمالًا درامية عديدة للتلفزيون الجزائري، أيها الأقرب إلى قلبك؟
كل عمل قدمته عزيز على قلبي، لكن ربما مسلسل “دوامة الحياة” هو الأقرب، لأنه أول مسلسل لي بث للجمهور.
ما المشاريع الأدبية أو الدرامية التي تعملين عليها حاليا؟
أعمل حاليا على الجزء الثاني من “بوابة سيفار” في مجال الرواية، وفي مجال أدب الطفل، أستعد لإصدار مجموعات قصصية جديدة تركز على عدة مجالات جديدة ليفهمها الطفل.
إلى أين تريد حورية خدير أن تصل في عالم الكتابة ؟
أطمح أن أساهم في إثراء المحتوى التعليمي للطفل العربي من خلال دمج الأدب بالعلوم والتكنولوجيا.
ما الطقس أو المكان المفضل لديك للكتابة؟
أفضل الكتابة في مكان هادئ يبعث على التركيز، يفضل أن يكون مطلا على منظر طبيعي هادئ، حيث يساعدني هذا الفصل البصري على الغوص في عوالم الكتابة.
كيف تتعاملين مع نقد القراء؟
أتعامل معه بكل ترحيب واهتمام، أرى النقد البناء كمرآة ضرورية لتطوير مهاراتي، أنظر إليه كوسيلة قيّمة لمعرفة نقاط القوة والضعف، خاصةً وأن هذا النوع من الروايات يحتاج إلى تفاعل مستمر مع ذائقة القارئ.

